04‏/06‏/2016

جمعتكم رحم العلم.. فالله الله في وصلِها



بسم الله الرحمن الرحيم


بدايةً لأنوّه أنّ العنوان مُقتَبَس من الشيخ الدكتور "عمر" ، كان يوصي طلابه فيقول:
( جمعتكم رحم العلم ، فالله الله في وصلها، فلئن كانت الأرحام لا تزيد مدة حملها
 على تسعةِ أشهر-غالبًا-فلقد جمعتكم رحم العلم أربع سنوات )






ولقد جمعتني رحم العلم خمس سنوات بصديقات وأخوات هنّ اللاتي قيلَ عنهنّ " لن يتكررن "
وما عساي أن أقول فيهنّ وهنّ اللاتي " قاسمنني همومي، وحفظنني إذا ما غِبتُ عنهم ؟ "




ما أعظمَ امتناني يا الله!
أدخلتني أعظم كليّة ، أخذتني من بيتي على نفسِ الطريقِ سنواتٍ عديدة..
أفتحُ بها كُتيباتِ العلمِ وأتعلّمه..
ما أرحمكَ يا الله وما ألطفك !
أن أواجِهَ أنواعَ الأزماتِ التي ما كنتُ صابرةُ عليها لولا لطفكَ ولولا أن ربطتَ على قلوبنا .. 
طوالَ فترة دراستي..
ما أكرمكَ وما أحسنَ تقديرك.. !
أن أقبلَ في تخصصينِ ويُيَسِّرُ لي ربّي اختيار أحدهما..

أن يرزقني الله في هذا الميدانِ الجديد.. صحبة جديدة.. ورفقة طيّبة .. وبيئة نقيّة.. وأرض خصبة بهيّة..
أي محظوظة أنا ؟
حمدًا لله على منّهِ وكرمِه ..

لقد تعلّمتُ قولاً في إحدى المحاضرات جاءَ فيه :
" أنَّ الله إذا أرادَ أمرًا هيَّأَ له أسبابه "

وإنني قضيت الفصولَ أسعى .. لم أدرِ ما معناه ولم أفهمه حتى لامستُه حقًّا ..
فعلمتُ كم هي رحمةُ اللهِ بنا عظيمة ، كيف يسّرَ لي سبل تلقّي العلم يثبُّتني ومن نحنُ من غير الله يثبّتنا ؟
كيف لم أحمل همَّ التخرّجِ الذي لم أعرفه حتى فارقتني زميلاتي وتخرّجنَ في الكليّة قبلي !
كانتِ الأيامُ تتوالى .. كلّ يومٍ في سباقٍ للجمال ..

أي زميلاتي !
ما أسعدني بكن !
لقد وجدتُ فيكنَّ ما لم أجده عندَ غيركنّ..
وليسَ مرادي الانتقاصَ من سواهن أبدًا!
فأمّةُ محمّد-صلّى اللهُ عليهِ وسلّم-أمّة كلها خير وبركة..



"ربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه، وربّ حامل فقه ليسَ بفقيه"

كثيرًا ما تستصعبُ علينا بعض الأمور أو الأسئلة وتنهالُ الاستفسارات، فنأخذُ العبارات منّا والكُتب،
نجوبَ بها ممرّات الكليّة، باحثينَ عن مجيبٍ أو عارف..يلملمُ شتاتَ أسئلتنا.. في يومِها العاصِفِ..
وكم هي تلكَ المرّات التي أحالنا فيها بعضهم إلى غيرهم..لعجزٍ أو استصعابِ إجابة..
كي نرسوا عندَ الأخيرينَ بميناءِهمِ ذي الخبرةِ..
رامينَ كلّ الأسئلة بثقلها عليهم..
راجينَ حسنَ الجواب..




بداية

أتساءل دائمًا هل بدايات جميع الطالبات كانت مثلي ؟
أم هي قاعدةٌ أساسيّة .. أن تكونَ كلّ بداية متواضِعة .. ؟

هكذا كانت البداية ..
صغيرة .. يحيطُ بها ضبابٌ كثيف ..
ينقشِعُ بتروٍّ .. كلّما .. ازدادت معرفتي بشيء..
تذكّرتُ بدايةَ دخولي للمدرسة في كلّ مرحلة .. إنّها لم تختلف عن الجامعة كثيرًا !
لأنّ السيناريو يُعاد لكن بطريقة أحدث قليلاً..
بداية عاديّة جدًا .. 


قد تكون باختصار .. مشابِهَةٌ لحركةِ الرّامي.. حينَ يرمي سهمَهُ..
فعليِه أن يسحبَ السهمَ للوراءِ كي ينطلق نحوَ الأمام!






الممرّ السرّي السعيد في الصورة، لقد عادَ إلينا من جديد بعدَ انقطاعٍ دام سنتين ربّما،
بسبب بناءِ الطابقِ الثالث، فرحتُ أيّما فرحٍ بهذا الطابق، وكأنّ بيتي قد حصلَ على غرفٍ أكثر!

اللهمّ زد كليّة الشريعة قبولًا وعددَ طلاّبٍ و حبًّا..
عسى اللهُ أن يعزّ بها الإسلامَ والمسلمين ..
ويخرجَ منها جيلاً مُحبًّا لله وللرسولِ -صلى الله عليهِ وسلّم- وصحابتِه ..
حافظًا لكتابِ اللهِ .. عاملاً بهِ وبسنّتِهِ ..







قاعة عثمان بن عفان، القاعة المشهورة بأنها واحدة من قاعات التفسير والحديث
كون مقررّاتهما تعقدُ غالبًا هنا، لقد أمضيتُ فصلًا كاملًا مرّة في قاعة واحدة ولم أخرج منها
إلّا لساعةِ الفراغ، فقد كانت لديّ 4 مقرّرات متتالية في نفسِ القاعة، أقمتُ فيها طويلًا xD

ولي فيها ذكريات كثيرة، لا يسعُ المقامُ ذكرَها، ربّما أذكرُ منها في إحدى المقررات عندما كان العمّال
يقومون بتكسير الأرضيّة في الطابقِ الأعلى فوقنا بالضبط في الصّباحِ الباكرِ ..

كان (الدرل) أو الحافر يحفر بصوت مزعج بالوقتِ نفسِه الذي يتكلّم فيه الدكتور،
ويسكت كلّما سكت... وهكذا.. لمدّة فصلٍ كاملٍ حتى أنهينا بعضَ المقررات ونحنُ لم نسمع إلا القليل..





لا مجال لمقارنة خطّينا أنا ومشمشة 3>
كانت من عادة طالبات #التفسير_والحديث أن يكتبوا عبارةً ما أو حديثًا أو أثرًا على السبّورة
فسرنا على خطاهم قليلًا..


ما أكثر المرّات التي دخلنا فيها القاعات لنجد عبارة مؤثّرة أو بيتَ شعر ناصح أو ربّما حديثًا
وآية على السبّورة ..





هذه إحدى الأسرار والتقنيات الحديثة التي لم أكتشفها مع الأسف إلا متأخرًا =(
كان هنالك [ لوكر ] مجّاني وبقّالة مجّانيّة ومكتبة مجّانيّة من [ مجـيدة ]
كانَ هنالكَ أشياء جميلة الله يتممّ سعادتك يا اللوكر السعيد أنتَ وأصحابك!



قاعة تخريج الأحاديث النّبويّة..
قاعةُ الكُتُب..
التي تُشْعِرُكَ بأنَّكَ في عصرِ البخاريِّ ربّما .. خاصّةً وأنتَ تبحثُ في إحدى أبوابِ الجامع الصحيح له..
في محاولةٍ صغيرةٍ لفهمِ تفكيرهِ..
" على أيِّ أساسٍ وضعَ الحديثَ تحتَ الباب هذا ؟ "

صورُ القاعة ما لبثت تحاولُ تذكيري بأصواتِ الصفحاتِ يقلّبنها الطالبات بحثًا عن حديثٍ
في منافسةِ " من يخرجُ الحديث أوّلاً ؟ " أو لعلّها لم تكن منافسةً إلّا بيني وبينَ نفسي..

لم أتوقع أن يكون مقرر التخريج ممتعًا بالشكل الذي وجدت..
مقرّرُ سعيـدٌ إلى أقصى مدى .. بل نحنُ أسعدُ به ..
توقّع وبحث، فطنة وذكاء ..
سرعة إجابة ودهاء..
يحتاجُ قلبًا واعيًا، وبصيرة نافذِة..
خاصّةً في البحث بطريقةِ الموضوع .. [التخريج بحسب الموضوع]
و [ التخريج بالمعجم المفهرس ]

لم أنسَ الحديث الذي امتحنتنا فيه الدكتورة إيمان في بداية إحدى المحاضرات..
فقد أوردت لنا حديثًا عن رؤيا الرسول-صلى الله عليه وسلّم- بعمر..
وقالت عليكم توقّع مكان الحديث في كتب السنّة.. أينَ سيكون؟ وتحتَ أيِّ كتابٍ وباب ؟

وفي خضمِ البحثِ والتفكير والتوقّع، لا يسعني ذكرُ فرحتي حينَ وجدّتُه بسرعة،
وقد وافقَ توقّعي .. وضعَ البخاري للحديث..
يااه ما أسعدني يومها ..
أن أكونَ قريبةً ولو بمقدارِ ذرّةٍ من تفكير الإمامِ البخاري-رحمه الله-..
حسبي ..



من الكتب التي بدأت أعتاد عليها كوني درستُها في مقرّر "حديث تحليلي" كتاب صحيح مسلم،
لقد كانَ أمرًا ممتعًا استكشاف دقَّة منهَج هذا الإمام -رحمه الله-ودراسة طريقة ترتيبِهِ للأحاديث،
وتنظيمِهِ لها،رغمَ أنّ من بوّبَ كتابَ الإمام مسلم"الصحيح" هو الإمام النووي في شرحِهِ المنهاج،
إلّا أنّ الكتابينِ مذهلين ..



صورة تشبيهيّة لما كانَ يفعلهُ الصّحابَةُ-رضوان الله عليهم- في زمانهم،
كانوا يكتبون القرآنَ على الجلودِ والرّقاعِ و العظامِ خيفَةَ أن ينسوه من حرصهم عليهِ،
وهم أصحاب العقول والفطنة والدهاء..
فأينَ منهم نحن ؟



المكان الذي عشنا فيه أنا ومشمشة سويًّا xD
يبدو أنني تمنيت لو جرّبت الكابوتشينو وقتها، كنتُ مستمرّة بطلب اللاتيه ! *^*




لعلّ أفضل ما قيلَ فيها [ أنّها آلة شرطية ]
إن لم تُحقّق الشرط فلا حلويات ولا عصائر ولا علكة ..
لا تقبل هذه الآلة إلّا العملة المعدنيّة القديمة :/
صرت أدقق بالخردة بشكل كبييير، وأدّخر ذات السنة القديمة من 2012 وما قبلها..
بل الخردة التي قد تحمل 1999 ربما أفكر مرارًا وتكرارًا قبلَ إدخالها في الآلة خيفةَ أن أفقدها..
فهي أحيانًا تبتلع الخردة عبر رحلة ذهاب دونَ إياب..
> بعض الطلبة يطالبون هالآلة xD



المكان الذي احتوانا ذاتَ يومٍ ..

هدوء وسكينة..
بعيدًا عن ضجيجِ الحياةِ..



هذه الصورة عبارة عن مجموعة من المشاعر المختلفة،
أتساءل لماذا لا نفهم أو نتعلّم إلّا بعدَ فواتِ الأوان ؟
في آخر فصل دراسي لي، أي ما قبلَ التخرّج بالضبط، صرتُ أجلِسُ
معَ بعضِ الكتب التي لا تخصّ المواد في الكليّة، رغمَ أنني سبق وقرأت فيها
خارجَ المناهج المقررة..
ويبقى السؤال المطروح..
الذي أنَّبَ ضميري..
لماذا لم أستمر بكثرة؟ لماذا لم أبدأ منذ الفصل الأوّل ؟
لماذا بعدَ عدّة سنوات وقبيلَ تخرّجي أفعل ؟
لماذا لم أستفد من وقتِ الفراغ الطويل بقراءة الكتب؟
لماذا لم أتعلّم المزيد وأطلب المزيد؟
لا أقول ذلك لشيء ولا لأعذّبني أكثر ..
أقولُه من بابِ أنّ الذكرى تنفعُ المؤمنين..
أذكّرَ بهِ من تقدّمناهُ وبقي..




إن لم تكن قائدَ أو سائقَ مركبة، فأنتَ إمّا محظوظ أو محظوظ ولا خيارَ ثالث غيرهما!

وإنَّكَ لأمام الفرصة الكبيرة، والمنحة والجائزة العظيمة..
فخلال الوقتِ الذي تذهبُ فيهِ للجامعة تستطيع استغلال الفترة هذه بالقراءة،
ولو في صفحة ، أو صفحتين، استفِد وأفِد مَن معكَ في الطريق، فأنتَ هنا إمّا قارىءُ مستفيدٌ أو مُفيدٌ غيركَ..
بلّغ العلمَ فمن أفضل طرق تثبيت العلم تبليغه..

وأذكر هنا قولَ أحد الأساتذة حولَ فواصل علبة الشاي البيضاء،
وجعلها فواصِلَ لكتابك الذي تقرؤه، دوّن عليهِ ملاحظاتك، اقتباساتك، أرقام الصفحات مثلًا،
لتعود مجددًا إليها بسهولة و يسر واختصارٍ لوقتِكَ الثمين..
الفكرة رائعة =)






لا أذكر في هذه الصورة إلا حقيبتي المُسِنّة أو هكذا بدَت في الصورة،
وحقيبة مشمشة العزيزة..
هنالك حقيبة ثالثة عريقة لا أدري لمن xD
لقد نسيت >_>
كأنّ الجو كانَ ممطرًا هنا ؟



 



في أيام الإثنين والأربعاء، أغرمت كثيرًا بأشجار ( الخالدية ) ، فكلّما ذهبتُ لمحاضراتي هناك،
وقفتُ أصوّر الأشجار من حولي، الألوان كانت جميييلة بشكل لا يصدّق..
الشجرة في ذهني مثل الجدّة، راسخة،قويّة، وقورة..
جذورها ممتدّة بالأرضِ دلالةً على الثباتِ في وجه المحن، وكأنّها مرتبطة بالخبرات..
تخبرني الأشجار أنها صاحبة الخبرة على المدى الطويل..
اكتسبت ما لم نكتسبه..
ورأت من الحياة الكثير..

> آخر صورة ذكرتني بالأدغال =_________=



قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله:
"واعلم أن العاقل الكيس الحكيم لايكترث بانتقاد المجانين"
[أضواء البيان ١ / ٧]





هذه الفقرة برعاية: [ جميع الالتقاطات بـ Iphone 5 ]
إهداء لابن أختي العزيز #سعود، ما أكثر المرّات التي يصرّ فيها
على ذمّ كاميرا هاتفي المحمول وكم أبْدَعَت هي في المقابل
!! =)


#اقتباس:
دائمًا إستشعر أن الله ما ألهمك الدعاء إلا وهو يريد أن يعطيك ما دعوت


كم قضيتُ الوقتَ في الانتظار.. ؟
هذه غرفةُ استراحة الطالبات .. وانتظارِ الأمّهات والأهل والبنات ..
مفهوم الانتظار مفهوم صعب قليلاً..
يلازمُه امتحانُ صبر .. ومن منّا يقدرُ أن يصبر .. ؟
إلّا أن يعيننا الله عليه..




الحمدُ للهِ الذي بنعمتِهِ تتمّ الصالحات..
لقد رسمت لنا كلّيّة الشريعة بفضل الله الخطوطَ الأولى للعلم..
وحريُّ بنا ألّا ننسى ما قدّمه لنا الأساتذة من وقتٍ وجهدٍ وحسنِ تعليم..
جزاهم الله عنّا خيرَ الجزاء..
ولن ننسى ما تعلّمناهُ من زميلاتنا وأخواتنا في الله..
سواءَ أكانَ في فصولنا الدراسيّة في القاعات.. أو في حلقِ الذكرِ التي يجتهدونَ بها..
أو في حلقِ المصلّياتِ.. والدوراتِ..

أسأل الله أن يجعله حجّةً لنا لا علينا وأن يستخدمنا فيما يرضيِهِ وأن يجعلني وإيّاهم ممّن هدى..
وممّن يذودُ عن الإسلامِ والمسلمين..
اللهمّ علّمنا ما ينفعنا..
وانفعنا بما علّمتنا وزدنا علمًا..



ولا أخفيكم سرًا عن قولِ شيخِ الإسلام ابن تيمية فيما معناه
:
" أنَ الإنسان بحاجة إلى الهدى دومًا، فما السرّ بقراءتنا للفاتحة خمسَ مرّات في الصلوات،
وفي كلّ ركعة في الـخمس صلوات؟ "
[ إهدنا الصراطَ المستقيم ]

فمن ينكرُ فضل هؤلاء الأساتذة والكليّةَ عليهِ بعدَ الله فقد جحد..
فلله درّهم من قبلُ ومن بعدُ..


ولله الحمدُ والمنّة أن اختار عبيدًا مثلنا يتقرّبونَ إليهِ بأحبّ القربات إليه..
ألا وهو العلم، و من يُرِدِ اللهُ بهِ خيرًا يُفَقِّهْهُ بالدّين...

وأكرّر ما ذكرته سلفًا [ جمعتكم رحم العلم، فالله الله في وصلها ]
وإنّه بالفعل.. لأخوّةُ الدّينِ أقوى من أخوّة النسب..
فالثانية تنقطع بانقطاع الدين، والأولى لا تضرّها الثانية..
وصلّى الله وباركَ على سيّدنا محمّد ..


.

.

.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قالَ-تعالى- : (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)